فارس الاقصى
عضو نشيط
السٌّمعَة : 11 تاريخ التسجيل : 16/02/2012 عدد المساهمات : 262
| موضوع: الى كل مهموم وحزين الخميس 12 أبريل 2012 - 16:18 | |
| الحمد لله الذي جعل الصبر جواداً لا يكبو, وصارماً لا ينبو, وحصناً حصيناً لا يُثلم.. والصلاة والسلام على خير الصابرين والشاكرين والحامدين محمد بن عبدالله .. وبعد:
إلى من تكالبت عليه الأيام.. وقلب له الدهر ظهر المجن.
إلى من ادلهمت السماء فوقه تنذر بالخطوب.. وأغلقت في وجهه المسالك والدروب فإذا به صابر محتسب.
ما اهتز له قلب
وما رف له جفن
***
إلى من نامت قريرة العين برضا الله وقدره.. متوسدةً عاصفة هوجاء.. تتخطفها الأسنة وتنالها الرماح..
ما عرف الحزن إلى قلبها مدخلا
وما استقرت الدمعة في عينها زمنا
***
إلى من فقد الأبناء والأحباب.. والآباء والأصحاب
إلى كل مؤمن مهموم.. وكل مبتلى مغموم
***
عظم الله أجرك.. ورفع درجتك.. وجبر كسرك.
في هذه الدنيا سهام المصائب مُشرعة ورماح البلاء مُعدةً مرسلة.. فإننا في دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان. وقد بلغ الضعف والوهن ببعضنا إلى التجزع والتسخط من أقدار الله.. فأضحى الصابرون الشاكرون الحامدون هم القلة القليلة. وسُنن الله في خلقه ثابتة لم تتغير وقضاؤه على عباده سائرٌ لم يتبدل.. نلاحظ أن النوازل تنزل والقوارع تطرق والناس في هذا الزمن غلبت عليهم أمورٌ أربعة: الأول: عدم الرضا والصبر والاحتساب.. بل البعض يسلو كما تسلو البهائم. الثاني: الجزع والتسخط.. وكأن الدنيا ما خلقت إلا للصفو والنعيم.. الثالث: عدم احتساب الأجر سوى في المصائب الكبيرة كالموت وغيره وتناسوا أن الأمر سواء على كل ما يسوء المرء حتى الشوكة تُصيب قدمه. الرابع: ظن الكثير أن الامتحان والابتلاء هو زمن المصيبة فحسب, وما عدوا النعمة والغنى بلية وطامة إن لم تُعن على الطاعة والعبادة. ولا بد أن يعلم المصاب أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين, وأنه سبحانه لم يرسل البلاء ليُهلكه به ولا ليعذبه, ولا ليجتاحه, وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه, وليسمع تضرّعه وابتهاله وليراه طريحاً على بابه لائذاً بجنابه, مكسور القلب بين يديه رافعاً قصص الشكوى إليه قال تعالى: } وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{ وقال تعالى: } إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ وقال تعالى: } وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ{. وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نيف وتسعين موضعاً وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر وجعلها ثمرة له, وجمع للصابرين بين أمورٍ لم يجمعها لغيرهم فقال تعالى: } أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{ فالهدى والرحمة والصلوات مجموعةٌ للصابرين. وقرنه بالصلاة في قوله تعالى: } وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ{. وقال تعالى: } اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{ وقال عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيراً يُصب منه"رواه البخاري والحمد لله على فضله وجزيل عطائه فقد بشرنا الرسول r بقوله: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذىً ولا غم, حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه"متفق عليه والأنبياء -عليهم السلام- يتوالى عليهم البلاء مثل كافة الناس وإن كانوا أشد بلاءً فعن أبي سعيد الخدري - رضى الله عنه- قال: قلت يا رسول الله, أي الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء" قلت: ثم من؟ قال: "الصالحون إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها, وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء"رواه ابن ماجه وقد قال أبو الدرداء: ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضاء بالقدر والحسن -رحمه الله- يقول: "الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله - عز وجل - إلا لعبد كريم عنده" وقال رسول الله r: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"رواه مسلم قال الفضيل: إن الله -عز وجل- ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير وقال رحمه الله: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يُعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة, وحتى لا يحب أن يُحمد على عبادة الله وسأل رجلٌ الإمام الشافعي فقال: يا أبا عبدالله, أيما أفضل للرجل أن يُمكن أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمكن حتى يُبتلى, فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين, فلما صبروا مكنَّهم, فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة وعلاج المصائب بأمور منها: الأول: أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء, والكرب لا يرجى منه راحة. الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابتة. الثالث: أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة. الرابع: النظر في حال من ابتُلي بمثل هذا البلاء, فإن التأسي راحة عظيمة. الخامس: النظر في حال من ابتُلي أكثر من هذا البلاء, فيهون عليه هذا. السادس: رجاء الخلف إن كان من مضى يصح عنه الخلف كالولد والزوجة. السابع: طلب الأجر بالصبر في فضائله وثواب الصابرين وسرورهم في صبرهم, فإن ترقى إلى مقام الرضا فهو الغاية. الثامن: أن يعلم العبد كيف جرى القضاء فهو خيرٌ له. التاسع: أن يعلم أن تشديد البلاء يخص الأخيار. العاشر: أن يعلم أنه مملوك, وليس للمملوك في نفسه شيء. الحادي عشر: أن هذا الواقع, وقع برضى المالك, فيجب على العبد أن يرضى بما رضي به السيد. الثاني عشر: معاتبة النفس عند الجزع, أن هذا الأمر لا بد منه فما وجه الجزع مما لا بد منه؟ الثالث عشر: إنما هي ساعةٌ فكأن لم تكن أخي الحبيب: متى ما أصابك مكروه في بدنك أو مالك أو حبيبك فاعلم أن الذي قدره حكيم عليم لا يفعل شيئاً عبثاً ولا يُقدر شيئاً سدى, وأنه تعالى رحيم قد تنوعت رحمته على عبده, يرحمه فيعطيه, ثم يرحمه فيوفقه للشكر, ويرحمه فيبتليه, ثم يرحمه فيوفقه للصبر, فرحمة الله متقدمة على التدابير السارة والضارة ومتأخرة عنها, ويرحمه أيضاً بأن يجعل ذلك البلاء مكفراً لذنوبه وآثامه ومنمياً لحسناته ورافعاً لدرجاته وإذا كانت المصيبة مما يمكن كتمانها, فكتمانها من نعم الله عزّ وجل الخفية .. وهذا سر من أسرار الرضا وعدم التضجر والانزعاج. قال الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة, ما ذكرتها لأحد ولما نزل في إحدى عيني عطاء الماء, مكث عشرين سنة لا يعلم به أهله رحمه الله لو رأى زماننا لعجب من كثرة الحديث في المصائب.. بل إن البعض حتى قبل أن تسأله عن صحته وحاله.. يبادر بالشكوى.. ويكثر التسخط.. يحدثك بما فيه من الأمراض.. وبما في أبنائه وأهله.. حتى ليخيل إليك أن هذا الإنسان ما مر به خيرٌ ونعمةٌ ورخاءٌ قط.. ووالله لو نظر بعين الرضا لرأى الخير في حياته يحف به من جميع الجوانب.. نعمٌ لا تحصى ولا تعد. وحين سأل يونس بن زيد ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ما منتهى الصبر؟ قال أن يكون يوم تصيبه المصيبة مثله قبل أن تصيبه وقال بكر بن عبدالله المزني: كان يقال من الاستكانة الجلوس في البيت بعد المصيبة وقال خالد بن أبي عثمان: مات ابن لي فرآني سعيد بن جبير مقنعاً, فقال لي: إياك والتقنع فإنه من الاستكانة وليس الجزع -أخي الحبيب- أن تدمع العينان ويحزن القلب, ولكن الجزع القول السيء والظن السيء ومن آداب الصبر استعماله في أول الصدمة وحين وقوع الفاجعة لقوله r: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى"متفق عليه. ومن الآداب سكون الجوارح واللسان, فأما البكاء فجائز. قال بعض الحكماء: الجزع لا يرد الفائت ولكن يسر الشامت. ومن حسن الصبر أن لا يظهر أثر المصيبة على المصاب وأما البكاء والحزن من غير صوتٍ ولا كلامٍ محرمٍ, فهو لا ينافي الصبر والرضا. قال تعالى حكايةً عن يعقوب -عليه السلام-: } وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ{.سورة يوسف قال قتادة: كظيم على الحزن, قلم يقل إلا خيراً, مع قوله تعالى: } إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ{سورة يوسف . وقوله تعالى عنه في أول السورة: } فَصَبْرٌ جَمِيلٌ{.
وحُكي عن شريح أنه قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات وأشكره, إذ لم تكن أعظم مما هي, وإذ رزقني الصبر عليها, وإذ وفقني الاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب, وإذ لم يجعلها في ديني ومما ينافي الصبر شق الثياب عند المصيبة, ولطم الوجه, والضرب بإحدى اليدين على الأخرى, وحلق الشعر, والدعاء بالويل وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة -رضى الله عنها- قالت: سمعت رسول الله r يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها, إلا أخلف الله له خيراً منها". [الحديث]. وقد جعل الله كلمات الاسترجاع وهى قول المصاب "إنا لله وإنا إليه راجعون" ملجأً وملاذاً لذوي المصائب, وعصمة للممتحنين من الشيطان لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة, فيهيج ما سكن, ويظهر ما كمن وليعلم المصاب أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها, وهو في الحقيقة يزيد في مصيبته, بل يعلم المصاب أن الجزع يشمت عدوه, ويسوء صديقه, ويغضب ربه, ويسر شيطانه, ويحبط أجره, ويضعف نفسه, وإذا صبر واحتسب أخزى شيطانه, وأرضى ربه, وسر صديقه, وساء عدوه, وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه, فهذا هو الثبات في الأمر الديني قال النبي r: "اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر" فهذا هو الكمال الأعظم, لا لطم الخدود وشق الجيوب, والدعاء بالويل والثبور, والتسخط على المقدور. قال ابن عبد العزيز لأم مات ابنها: اتقي الله واحتسبيه عند الله واصبري, فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أفسدها بالجزع قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصبر على المصائب واجب باتفاق أئمة الدين, وإنما اختلفوا في وجوب الرضا قال شقيق البلخي: من شكا مصيبة به إلى غير الله, لم يجد في قلبه لطاعة الله حلاوةً أبداً وما يصيب الإنسان محن وابتلاء من الله -جل وعلا- فالفتنة كير القلوب, ومحك الإيمان وبها يتبين الصادق من الكاذب, قال تعالى: } وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{. فالفتنة قسمت الناس إلى صادق وكاذب, ومؤمن ومنافق, وطيب وخبيث فمن صبر عليها, كانت رحمةً في حقه, ونجا بصبره من فتنةٍ أعظم منها, ومن لم يصبر عليها وقع في فتنةٍ أشد منها قال ثابت: أصيب عبدالله بن مطرق بمصيبة فرأيته أحسن شيء شارة وأطيبه وكان علي بن أبي طالب يقول: من إجلال الله ومعرفة حقه أن لا تشكو وجعك ولا تذكر مصيبتك وعندما سأل رجلٌ الإمام أحمد: كيف تجدك يا أبا عبدالله؟ قال: بخير في عافية, فقال له: حممت البارحة؟ قال: إذا قلت لك: أنا في عافية فحسبك, لا تخرجني إلى ما أكره وما يكرهه -رحمه الله- التحدث عن المرض وعدم كتمانه وذلك لما يرجوه من كتمان المرض. فكيف يشتكي العبد ربه إلى مخلوق مثله, وأما إذا كان الإخبار على سبيل الاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال ضرره, لم يقدح ذلك في الصبر. أخي الحبيب: في الحديث عن النبي r أنه قال: "ما أصاب عبداً همٌ ولا حزنٌ فقال اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك, ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همّي وغمي, إلا أذهب الله همه وغمه, وأبدله مكانه فرحاً, قال: يا رسول الله أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى. ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن". أخي الحبيب: إن كانت الدنيا أطلقت سهامها وسلت سيوفها.. فإنا رضينا بقضاء الله وقدره نشكره على قضائه ونصبر على طاعته, فهو صاحب الإحسان الجزيل والعطاء الكثير .. } إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{. جعلني الله وإياك من الشاكرين الراضين الصابرين المحتسبين.. وجمعني وإياك في جنات عرضها السموات والأرض فيها السعادة بلا شقاء والحياة بلا موت والنعيم بلا زوال. وجعلني الله وإياكم من الصابرين } الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ{ | |
|
كيكاوي
المراقب العام
السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 22/12/2010 عدد المساهمات : 1467
| موضوع: رد: الى كل مهموم وحزين الخميس 12 أبريل 2012 - 16:20 | |
|
بارك الله فيك أخي الكريم
وجزاك كل خير
| |
|
brahim1109
عضو فعال
السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 12/01/2012 عدد المساهمات : 202
| موضوع: رد: الى كل مهموم وحزين الخميس 12 أبريل 2012 - 19:05 | |
| جزاك الله خيرا على المساهمات المفيدة
شكرا لك | |
|