هكذا نستقبل الضيف الكريم
سمية عبد العزيز
إذا أردت أن تعرف أهمية الضيف الزائر فلتنظر إلى مدى الاهتمام باستقباله.
فبعد
أيام قلائل يهل علينا وافد حبيب إلى قلوب أهل الإيمان والإحسان، وموسم
عظيم من مواسم الخير والرحمة والغفران، إنه شهر الصيام والقيام وتلاوة
القرآن...شهر الصبر والنصر والإحسان، فكيف نستقبل هذا الضيف الحبيب
استقبالاً يليق بنا كأمة مسلمة ويليق برمضان باعتباره خير شهر؟ يجب أن
نستقبل هذا الشهر الفضيل بما يلي:
1-
بشوق وفرح، ففيه نفحات ربانية، إذ تزداد فيه العبادة والطاعة، ويتضاعف
الأجر والثواب، وتهب فيه رياح الجنة والمغفرة والرحمة.قال - تعالى -: قل
بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (58) (يونس).
2-
ثم نعقد النية لله في الصيام والقيام وباقي الأعمال الصالحة، لأن الرسول
أخبرنا أن الأعمال بالنيات. ولكون هذه الفريضة العظيمة سراً بين العبد
وربه يكون جزاؤها عظيماً، كما أخبرنا المصطفى عن ربه - سبحانه -: "كل عمل
ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" (رواه الشيخان).
3-
ثم بعد ذلك نعزم على التوبة الصادقة من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها ظاهرها
وباطنها... فمن الطبيعي أن يستقبل المحب حبيبه العائد بعد طول غياب
بأبهج صورة وأحسن ثياب وأطيب رائحة، فهل يعقل أن نستقبل هذا الوافد
الحبيب الذي يحمل إلينا بين ثناياه خيراً وبركة بشعور بارد وعقول مغيبة؟
وهل
يعقل أن نستقبله بذنوبنا ومعاصينا الكثيرة وقلوبنا المريضة؟ لابد من أن
نطهر أنفسنا من الخطايا بدموع التوبة والاستغفار وننظف قلوبنا من الأمراض
والعلل، ومن الشبهات والشهوات، ونعزم عزماً أكيداً على إصلاح الظاهر
والباطن، ونتذكر ما أخبرنا به رسولنا الكريم حين قال: "ينادي منادٍ أول
ليلة من ليالي رمضان: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر".
وصدق الشاعر:
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلّك شهر الصوم بعدهما *** فلا تصيّره أيضاً شهر عصيان
واتل الكتاب وسبح فيه مجتهداً *** فإنه شهر تسبيح وقرآن
4-
وهناك شيء مهم وهو أن أي عمل يقربنا إلى الله له أحكامه وضوابطه وآدابه
وفضائله فيجب علينا أن نتعلم أحكام هذه العبادة من شروط وأركان ومبطلات
ومكروهات حتى نؤديها على الوجه الصحيح وحتى ينطبق علينا قول رسولنا
الكريم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
5-
بقي شيء آخر وهو الاستفادة من صيامه بتقوى الله - عز وجل - واكتساب صفات
الصبر وقوة الإرادة، والشعور بالمراقبة في السر والعلن، وتهذيب الأخلاق
والتدرب على الصدق والأمانة والكرم والجود والبذل والتضحية في سبيل الله
واعتياد النظام والدقة في المواعيد، فهذه الصفات يحملها لنا هذا الضيف
الكريم.
فلنعقد العزم باستقباله بغض البصر وهجر وسائل الإعلام الهابطة والمفسدة
وكف اللسان وسائر الجوارح عن المعاصي والمنكرات التي أحاطت بنا من كل
جانب ولنغتنم، وكل يوم وكل لحظة تمر فيه قبل فوات الأوان، وكما أخبرنا
رسولنا الكريم : "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك
وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" (رواه الحاكم
والبيهقي).
فأهلاً بك ضيفاً عزيزاً كريماً، وشكراً لله على هذه النعمة، بأن جعل في
أيام دهره نفحات ليغفر لنا ويطهرنا ويزكينا بفضله وكرمه - سبحانه وتعالى -