قالت:
أتيتُ النبي ( أسأله (أي: تطلب منه شيئًا)، فجعل يعتذر إلى (حيث لم يكن
عنده ما يعطيه)، وأنا ألومه (لأنها لا تعرف السبب)، فحضرت الصلاة فخرجتُ،
فدخلتُ على ابنتى -وكانت عند زوجها شرحبيل بن حسنة- فجعلت أقول له: قد
حضرتْ الصلاة وأنتَ فى البيت؟ وجعلتُ ألومه، فقال: يا خالتى لا تلوميني،
فإنه كان لنا ثوبٌ، فاستعاره رسول اللَّه (. فقلت: بأبى وأمي، إنى كنت
ألومه وهذا حاله ولا أشعر. قال شرحبيل: وما كان هذا الثوب إلا درعًا
رقعناه.[أبو نعيم].
كانت تمتلك سمات رفيعة، يندر وجودها لدى النساء فى عصرها، وكانت مثقفة متعلمة، تخصصت فى معالجة الأبدان.
أسلمت
قبل الهجرة، وكانت تُرْقِى فى الجاهلية، فلما هاجرت إلى المدينة جاءت إلى
النبي ( فقالت: يا رسول اللَّه إنى كنت أرقى بِـرُقًى فى الجاهلية، وأردت
أن أعرضها عليك. فقال (: "اعرضيها". قالت: فعرضتها عليه، وكانت رقية من
لدغة النملة، وهى قروح تخرج فى الجنب وغيره من الجسد.فقال: "ارقى بها
وعلميها حفصة" [ابن مندة وأبو نعيم].
وكان لها دور بارز فى مجال التعليم
ومعالجة القروح والأمراض؛ لذا خصص لها رسول اللَّه ( دارًا بالمدينة
تقديرًا لدورها الاجتماعي، وكانت تعيش فيها هي وابنها سليمان، وأصبحت تلك
الدار مركزًا علميَّا للنساء، تعلمت فيها الكثيرات من نساء المؤمنين تعاليم
الدين، بالإضافة إلى القراءة والكتابة والطب، وكان من بين المتعلمات
السيدة حفصة زوج الرسول (.
وحرص خلفاء المسلمين بعد رسول الله( على
احترام مكانة الشَّفَّاء وتقديرها، فقد روى أن عمر بن الخطاب -رضى الله
عنه- كان يقدمها فى الرأي، ويقبل نصائحها، ويقدم لها ما تحتاجه من عون
وبِـرّ.
إنها الصحابية "الشفاء بنت عبد الله القرشى العدوي"، وأمها
فاطمة بنت وهب بن عمر المخزومية، وقيل اسمها ليلى لكن غلب عليها لقب
"الشفاء". وقد روت "الشفاء" رضى اللَّه عنها عن النبي (، وروى عنها
كثيرون.
وتوفيت -رضى اللَّه عنها- سنة عشرين للهجرة، فى خلافة عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-.